أوقف البنك التجاري الدولي في مصر CIB التعاملات التجارية الدولارية عبر الإنترنت من الحسابات الشخصية في إطار سلسلة من الإجراءات الهادفة لتخفيض الإنفاق الدولاري، وحتى الآن يعد البنك التجاري الدولي هو البنك الوحيد الذي قام بهذه الخطوة و يدّعي أنها بناءً على تعليمات من البنك المركزي. ووفقًا لمصادر من داخل البنك الأهلي القطري QNB فإن هناك إشاعات حول تطبيق القرار نفسه على كروت البنك الأهلى القطري المسمّاة فيزا إلكترون، حيث تم إخبار الموظفين أن هناك تعديلًا جديدًا على المشتريات عبر الإنترنت سيقوم البنك بتطبيقه بناءً على تعليمات البنك المركزي كما يدّعون. كما قام البنك الأهلي المصري صباح اليوم بوقف التعامل على الإنترنت ببطاقات الـ debit card وكذلك قام أيضًا بوقف كافة التعاملات التجارية على فيزا pre-paid mastercard.
فشلت محاولات التواصل مع البنك المركزي كما رفضوا الإفصاح عن أية قرارات عبر الهاتف. وعند التواصل عبر البريد الإلكتروني يأتي رد يفيد بأن البريد الإلكتروني الخاص بالاستعلامات العامة وكذلك السياسات النقدية ممتلئ وغير قادر على استقبال أيّة رسائل جديدة. وحتى الآن لم يصدر قرار رسمي من البنك المركزي يتفق مع ما يحدث أو حتى بيان واضح ينفي صدور مثل تلك القرارات. لكن، بافتراض أن قرارًا كهذا ربما يكون قد صدر، فما تأثير مثل تلك القيود؟.
ماذا يعني هذا القرار؟
وفقًا لخدمة عملاء البنك التجاري الدولي فإن القرار يعني عدم استطاعة الأفراد و أصحاب الحسابات الشخصية الدفع لأي خدمة تجارية مثل إعلانات جوجل و فيسبوك و تويتر. وبحسب خدمة العملاء فإن الشركات والحسابات التجارية ما زالت قادرة على الدفع وفقًا للقواعد المنظمة لها.
و كذلك فإن القرار لا يؤثر على المشتريات الخاصة وإنما يقتصر على المعاملات التجارية. يقدّم البنك خدمة كروت الائتمان مسبقة الدفع عن طريق برنامج ترافل تشويز بالتعاون مع وكالة السفريات الشهيرة التي تحمل هذا الاسم والتي كانت مشهورة باسمها القديم (توماس كوك) قبل أن تقوم بتغيير اسمها وعلامتها التجارية خلال عام 2015. تعتبر هذه الخدمة هي أسهل وأفضل الحلول للعديد من المستقلين العاملين عبر الإنترنت؛ فعلاوة على سهولة استخراجها حيث لا تحتاج لحساب بنكي وتستخرج في خمس دقائق من كل فروع البنك وكذلك فإنه لا يوجد أي أوراق مطلوبة لها غير البطاقة الشخصية، فإنها تمكنك من السحب والإيداع عبر ماكينات السحب الآلي وتأخذ هامش ربح 2.5% فقط على العملة الأجنبية.
التضييقات على استخدام بطاقات الائتمان لم تأتِ فقط من البنك التجاري الدولي بل أتت من كل البنوك المصرية التي تقدم حلولًا سهلة للمستقلين العاملين عبر الإنترنت. فبالنسبة لبنك كريدي أجريكول مصر والذي يقدم خدمة شبيهة للتعاملات عبر الإنترنت لا تتطلب وجود حساب، قام البنك برفع عمولته عند التحويل لعملة أجنبية إلى 4% بدلًا من 2.5%، كما قام أيضًا البنك العربي الأفريقي والذي يقدم خدمة 4U للمستقلين ومحبي التسوق عبر الإنترنت برفع عمولته لـ 4% أيضًا مع وضع حدود على الإنفاق الشهري.
من هم المستقلون وما هو حجم تعاملاتهم الدولارية في مصر؟
المستقلون هم ملايين من شباب المصريين الذين يعملون عبر الإنترنت في مهام مختلفة كالترجمة، والتصميم، والبرمجة، و تعديل الفيديو، وغيرها من الأنشطة عبر الإنترنت. يستخدم المستقلون أسهل الطرق لتلقي الأموال وكذلك صرفها فهم غير مقيدين بمواعيد عمل أو غيرها؛ ولذلك فهم دومًا يبحثون عن الحلول السهلة والإبداعية في تعاملاتهم المالية.
يتم إنفاق حوالى 10 دولارات شهريًّا إعلانات على المستخدم غير الأمريكي في فيسبوك، أي أن في مصر يتم إنفاق قرابة الـ70 مليون دولار شهريًّا على الإعلانات، وقرابة 50 مليون دولار شهريًّا على تويتر. أغلب هذه الإعلانات تكون من وكالات إعلانية وعلامات تجارية عالمية مثل كوكاكولا و بيبسي وغيرهم، هذه الشركات الضخمة تستطيع التكيّف مع الأنظمة الحكومية ببساطة ولكن المتضرر الوحيد هم المستقلون والذين يتعاملون تعاملات بسيطة.
المستقلون في مصر يعدّون بالملايين، ولكن من الصعب حصرهم ولا توجد أية إحصائيات رسمية دقيقة لأعدادهم. ولكن يمكنك أن تفهم حجمهم عندما تعرف أن موقع إلانس elance وحده لديه أكثر من 23 ألف مستقل مصري. هؤلاء المستقلون قاموا بإدخال 3.7 مليون دولار إلى مصر عبر عملهم على الإنترنت من خلال موقع إلانس فقط، ويحتلّ المستقلون في مصر المرتبة الـ 17 في الموقع.
ما الحلول التي سيلجأ لها المستقلون؟
سيتوجه المستقلون لأربعة حلول رئيسية لتخطي هذه الحواجز القانونية، وهي:
- بطاقة بايونير:
تعدّ بطاقة بايونير خير رفيق للمستقلين، بايونير هو بنك أمريكي يمكنك طلب بطاقة فيزا كارد عبره ويقوم البنك بإرسال البطاقة لك بالبريد وكل تعاملاتك عبر هذه البطاقة تتم من خلال البنك الأمريكي. يمكنك شحن البطاقة عبر تحويل الأموال عليها من أي بنك إلكتروني أو عبر تحويل أرباحك من أحد مواقع العمل الحر عليها. سيتوقف المستقلون عن استقبال الأموال في مصر وسيقومون باستخدام هذه البطاقة التي لا تخضع للقوانين المصرية على الإنترنت لدفع ما يحلو لهم.
- نتلر:
نتلر أيضًا هو بنك لا يُخضع بطاقاته للقوانين المصرية. ولكن الأهم أنك لا تحتاج إلى تواجد بطاقة حقيقية لديك لكي يكون لديك حساب هناك بل يمكنك خلق بطاقة إلكترونية تحتفظ بأرقامها وتستخدمها كما يحلو لك.
- بِتْكُوين:
أخذت العملات الإلكترونية شعبية كبيرة مؤخرًا وأصبحت خير وسيلة للتعاملات على الإنترنت لما تضمنه من سرية تامة في التعاملات. لا تخضع «بتكوين» أو غيرها من العملات مفتوحة المصدر إلى أية رقابة من أي شخص، والتعاملات من خلالها تكون سريةً تمامًا بتقنية القرين للقرين peer to peer. يمكن للمستقلين استخدامها كطريقة مثالية في التعاملات وكذلك في الشراء من مواقع عديدة أيضًا أو يمكنهم حتى تحويلها لدولارات، و كل هذه العمليات ستتم بدون المرور بمصر أو دفع أي ضرائب أو رسوم للبنوك أو الحكومة المصرية.
- باي بال:
باي بال هو بنك إلكتروني تستطيع الدفع من خلاله لأغلب المواقع الإلكترونية من بينها فيسبوك و إي باي وغيرهم. ويخضع البنك نسبيًّا للقواعد المصرية لكن فقط إذا قررت أن تقوم بسحب الأموال إلى حسابك في بنك مصري أو إلى فيزا إنترنت أصدرها بنك مصري، ويمكنك استخدامه في دفع ما تشاء فهو غير خاضع – نسبيًّا – لقرارات البنك المركزي المصري.
- السوق السوداء:
كل هذه البدائل متاحة للمستقلين للدفع عبر الإنترنت، وتفترض أن المستقلين يكسبون نقودًا عبر الإنترنت ولا يقومون بسحبها أو تحويلها إلى مصر و لكن سيحتفظون بها في حسابات بنكية أمريكية أو عبر الإنترنت. ولكن ماذا سيفعل الذين يرغبون بالإعلان على فيسبوك وليس لديهم حساب تجاري في البنك ولا يكسبون عبر الإنترنت؟، الإجابة هي ببساطة الاتجاه للسوق السوداء. سيخلق قرار منع الدفع للخدمات التجارية عبر الإنترنت إذا تم تعميمه سوقًا سوداء ضخمة سيكون أبطالها هم المستقلين الذين سيقومون يتحويل الأموال التي يكسبونها بالدولار إلى مصريين آخرين عبر حسابات غير مصرية و يتلقون عمولة في المقابل.
يغيب عن صنّاع القرار الذين قرروا تضييق الخناق على المستقلين أننا الآن في عام 2016، فبإمكان أي مصري فتح حساب في بنك أمريكي بضغطة زرّ واحدة عبر الإنترنت. ستحرم هذه القرارات كل البنوك المصرية نسب العمولة التي تنالها من التحويلات الدولارية أثناء الدفع عبر الإنترنت، كما ستحرم الاقتصاد المصري من ملايين الدولارات يقوم المستقلون بإدخالها سنويًّا إلى مصر وسيفضلون الاحتفاظ بها على شكل دولارات إلكترونيًّا أو في حسابات غير مصرية، وستظهر سوق سوداء ضخمة للدولارات عبر الإنترنت.
المصادر :