انتظرت شركة جوجل اللحظات الأخيرة في اليوم الأول من مؤتمرها السنوي İ/O 2016 للحديث عن ميّزة جديدة تطمح من خلالها إلى تغيير قواعد اللعبة في عالم التطبيقات ومتاجرها على الأجهزة الذكية.
القواعد الحالية قائمة على ثلاثة أطراف، الأول هو المُطوّر الذي يقوم بكتابة تطبيقات لنظام تشغيل مُعيّن وليكن أندرويد على سبيل المثال، والثاني هو متجر التطبيقات الذي يُعتبر الوسيط الذي يُساعد المُطور على وصول تطبيقه لجميع مُستخدمي هذا المتجر، وأخيرًا الطرف الأهم في هذه المُعادلة والذي يُحدد نجاح وفشل كل شيء، ألا وهو المُستخدم.
المُستخدم يقوم بالدخول إلى متجر التطبيقات والبحث عن تطبيق مُعيّن من خلال كتابة اسم التطبيق أو الوصول إليه عن طريق بعض القوائم التي توفرها هذه المتاجر، لكن المُطوّر يبقى تحت رحمة الكثير من العوامل أهمّها سهولة الوصول إلى تطبيقه، فإذا لم يقصد المُستخدم المتجر لتحميل تطبيق بعينه، فإن احتمالية التعثّر في تطبيقه أثناء تصفح متجر يحوي على ملايين التطبيقات تبقى ضئيلة جدًا.
لكن جوجل رأت أن هذه العملية أصبحت مُملّة، ولا بُد من تسهيل حياة المُستخدم وتوفير عناء فتح المتجر، والبحث عن تطبيق مُحدد، ثم تحديد أهميّة تثبيته خصوصًا مع وجود عوامل مثل استهلاك التطبيق للذاكرة، أو نسبة الحماية والخصوصية، واحتمالية تهديده لأمن الجهاز بشكل عام، ولهذا السبب خرجت لنا بمفهوم جديد يحمل اسم التطبيقات الفورية Instant Apps.
يقوم مفهوم التطبيقات الفورية على تشغيل تطبيقات أندرويد على خوادم جوجل وليس على هاتف المُستخدم، وبالتالي لن يحتاج المُستخدم إلى تثبيتها، حيث يُمكن ومن نتائج البحث الاستفادة من وظائفها بشكل كامل.
استعرضت جوجل مثالًا لشخص يرغب في الدفع مُقابل ركن سيارته في أحد المواقف المأجورة، حيث يوفر هذا الموقف تطبيقًا خاصًا لهذه العملية، لكن وبفضل التطبيقات الفورية يبحث المُستخدم عن الموقف داخل جوجل ليظهر له رابط بالضغط عليه تظهر واجهات التطبيق فورًا ويقوم المُستخدم بتحديد رقم الموقف والدفع باستخدام خدمة أندرويد للدفع الالكتروني Android Pay. وبالتالي تمّت العملية بنجاح دون الحاجة إلى تثبيت تطبيق الموقف المأجور.
ولو افترضنا نفس الحالة دون وجود خاصيّة التطبيقات الفورية، فإن المُستخدم كان بحاجة للدخول إلى المتجر أولًا، والبحث عن التطبيق وتثبيته، ثم تشغيله وإنشاء حساب وتعبئة كافّة البيانات، ليتمكّن فيما بعد من دفع ثمن الموقف.
ما هي فوائد استخدام هذا المفهوم ؟
بالنسبة للمُطوريين
يُحسّن هذا المفهوم الانتقال بين التطبيقات المُختلفة على الجهاز بعد الضغط على رابط مُحدد. فعلى سبيل المثال، وعند الضغط على رابط من يوتيوب أثناء تصفح شبكة تويتر على الهاتف يقوم النظام بتشغيل تطبيق يوتيوب وتشغيل المقطع بداخله عوضًا عن فتح صفحة جديدة والتوجه إلى موقع يوتيوب.
يوتيوب هو مثال بسيط على استخدام مفهوم الانتقال والروابط العميقة Deep Links بين التطبيقات داخل النظام، لكن في بعض الحالات لا يكون التطبيق موجودًا على الجهاز، وبالتالي يتم نقل المُستخدم إلى متجر التطبيقات لتثبيه، وما أن تنتهي عملية التثبيت حتى يعمل التطبيق لوحده لكن للأسف لا يتم فتح الرابط الذي قام المُستخدم من أجله بتثبيت التطبيق، وهنا يخسر التطبيق ومُطوروه شريحة كبيرة من المُستخدمين نتيجة لهذا النوع من المشاكل.
الآن وعند تطبيق مفهوم التطبيقات الفورية على الروابط أثناء تصفح الشبكات الاجتماعية فإن المُستخدم لم يُعد بحاجة إلى تثبيت التطبيق أو فتحه من الأساس، لأن جوجل سوف تقوم بتشغيل التطبيق على خوادمها وعرض المُحتوى الذي طلبه المُستخدم، وهُنا ضمن المُطوّر أن المُحتوى يتم الوصول إليه في جميع الحالات.
أخيرًا وعلى صعيد أهمية هذا المفهوم بالنسبة للمطورين نصل إلى توحيد تجربة الاستخدام والتخلّص من الفصل الموجود بين تطبيقات الويب وتطبيقات الهواتف الذكية.
كل شركة كبيرة تقريبًا تمتلك تطبيقًا للهواتف الذكية، لكنها تمتلك أيضًا موقع على الإنترنت متوافق تمامًا مع متصفحات هذه الأجهزة ليظهر المُحتوى بأفضل شكل مُمكن. لكن إذا ما تم تطبيق مفهوم التطبيقات الفورية فإن المُطوّر والشركة لم يعودوا بحاجة إلى بناء أكثر من تطبيق، فبناء تطبيق لنظام أندرويد يضمن لهم ظهوره داخل مُحرك بحث جوجل ويضمن إمكانية استخدامه في نفس الوقت، وبالتالي لم تعد هناك ضرورة لتوفير موقع يدعم شاشات الهواتف الذكية.
بالنسبة للمُستخدمين
ذكرنا سابقًا أن تقديم تجربة استخدام أفضل واحدة من أهم مزايا هذا المفهوم، فلماذا يضطر المُستخدم إلى تثبيت تطبيق مطعم ما لطلب الطعام لمرّة واحدة فقط؟ بكل بساطة يُمكن البحث في جوجل على اسم المطعم لتظهر واجهات تطبيقه من داخل مُحرك البحث، ويقوم المُستخدم بتحديد خياراته وإتمام العملية والدفع باستخدام Android Pay بشكل فوري وسلس، دون الدخول في أية تعقيدات ثانية.
وإذا ما طبّقت جوجل نفس المفهوم داخل متجر جوجل بلاي فإنها ستفتح الأبواب أمام تجربة استخدام جديدة كُليًّا. فإذا ما أراد المُستخدم تثبيت تطبيق مُعيّن ولا يدري إذا كان استخدامه مُناسبًا له، يُمكن لجوجل توفير خاصيّة تجربة التطبيق لفترة محدودة بالاعتماد على مفهوم التطبيقات الفورية، وبالتالي يستعرض المُستخدم مزايا التطبيق ويتأكد من أن كل شيء يعمل كما هو مطلوب، وعندها يُمكن تثبيت التطبيق أو عدم تثبيته.
ماذا عن التطبيقات المدفوعة؟ يُمكن لجوجل بالفعل زيادة دخل المُطورين من خلال استخدام هذا المفهوم داخل المتجر. فالكثير من المُستخدمين يتخوفون من شراء بعض التطبيقات لأنها قد تكون مُزيّفة أو لا تُقدم الأدوات المُناسبة لتنفيذ المهام المُطلوبة. وبالتالي وجود إمكانية لتجربة خصائص التطبيقات المدفوعة لمدة 10 دقائق فقط سوف تُساعد المُستخدم في هذه العملية، وبالتالي يذهب الشعور بالخوف قبل شراء التطبيق ويتم إتمام هذه العملية بشكل أفضل.
كلمة أخيرة…
ما يزال هذا المفهوم في بداياته، لكن جوجل وفّرت البنية التحتية الأساسية للانطلاق في هذا المجال، وكمُطورين يجب علينا استغلال هذه الفرصة بشكل جيّد، خصوصًا التطبيقات العربية، فلا داع للوصول مُتأخرين كما جرت العادة.