شئنا أم ابينا، يُسيطر نظام أندرويد على سوق أنظمة تشغيل الهواتف الذكية بفضل كثرة الأجهزة والخيارات المُتاحة أمام المُستخدمين، فأسعار أجهزة أندرويد تبدأ من ٥٠ دولار أمريكي فقط، وتصل إلى ١٠٠٠ دولار أو أكثر من ذلك على عكس بقية الأنظمة مثل آي أو إس أو ويندوز موبايل المتوفرة بخيارات محدودة.
ويُعتبر أندرويد من الأنظمة التي تتطور بسرعة كبيرة، كيف لا وشركة بحجم جوجل تقف خلفه والتي استطاعت مُزاحمة خبرات شركتي آبل ومايكروسوفت اللتان تمتلكان باعًا طويلًا في مجال أنظمة تشغيل الحواسب، على عكس جوجل التي بدأت مُتأخرة قليلًا في هذا المجال.
يعيب على أندرويد الانفتاح الكبير داخل النظام، حيث يُمكن للمُطوّر تخصيصه بالطريقة الأمثل وتقديم تعديلاته للجميع للاستفادة منها، وهو ما يفتح المجال أمام الثغرات الأمنية التي عصفت العام الماضي بالكثير من الأجهزة، لكن هذا العيب هو نفسه نقطة القوّة التي يتميّز بها الإندرويد.
ومع اقتراب الكشف الرسمي عن النسخة السابعة من أندرويد، يترقب الجميع بما في ذلك شركتي مايكروسوفت وآبل المولود الجديد لشركة جوجل، خصوصًا أن النسخة الاستعراضية التي صدرت قبل فترة تعد بالكثير، ليس هذا وحسب، بل صفعة جوجل الأخيرة لمُستخدمي أجهزة آيفون المُتمثّلة بلوحة Gboard فتحت بصيرتنا أمام مُستقبل أنظمة تشغيل الأجهزة الذكية.
لمن لم يقرأ عن Gboard فهي عبارة عن لوحة مفاتيح ذكية لنظام آي أو إس الذي تعمل به أجهزة آيفون توفّر زر لاستخدام مُحرك بحث جوجل من داخل أي تطبيق، مع إمكانية استخدام خدمات مثل خرائط جوجل والبحث عن الوجوه التعبيرية Emojis لتقديم تجربة استخدام جديدة كُليًا على مُستخدمي آيفون.
نجحت جوجل في الالتفاف على قيود نظام آي أو إس وقدمت خدماتها على طبق من ذهب لمُستخدمي هذه الأجهزة، لكن هذه الخطوة وبعد قراءة ما بين السطور تعني أن أندرويد في طريقه لصفع البقية، ليس لأنه السبّاق في الفكرة، بل لأن الهيكلية التي بُني عليها هذا النظام غير موجودة في بقية الأنظمة.
لنضع كل شيء على الهامش ولنتحدث قليلًا عن أنظمة تشغيل الهواتف الذكية وكيف تطوّرت مع مرور الوقت. بداية ظهرت لنا أنظمة تشغيل مثل أندرويد، بلاك بيري أو إس، بالإضافة إلى آي أو إس على سبيل المثال لا الحصر. وكما هو حال الأنظمة الجديدة فهي تأتي بميّزات بسيطة تفتح مجال الإبداع أمام المُطورين.
المُطورون بدورهم استغلوا نواقص أنظمة التشغيل وقاموا بتطوير تطبيقات بأفكار بسيطة مثل تطبيقات الآلة الحاسبة، تطبيقات الترجمة، أو حتى تطبيقات لتدوين المُلاحظات وتنظيم المهام بشكل احترافي. استحوذت الشركات على التطبيقات نظرًا للفكر الجديد الذي تُقدمه وقامت بدمج هذه الخدمات داخل النظام لتتطوّر الأنظمة مع مرور الوقت حتى وصلت إلى الشكل الحالي.
الشكل الحالي يتمثّل بنظام يُقدم سنويًا مجموعة من الميّزات الجديدة وتحسينات على صعيد معالجة المهام، وتطبيقات بأفكار جديدة تستفيد من الواجهات البرمجية، لكن هذا الشكل استمر لفترة طويلة، لذا وجدت جوجل أن الوقت حان للتوسّع بشكل أكبر.
توسّع جوجل جاء قبل فترة عندما أعلنت نيّتها دمج خدمة الترجمة داخل نظام أندرويد بشكل كامل، أي أن المُستخدم وأثناء استخدام تطبيقات مثل واتس اب أو فيسبوك بإمكانه ترجمة أي شيء دون المغادرة إلى تطبيق آخر، وهُنا تكمن القوّة والاستفادة القصوى من هذه الخطوة بعد زمن من الانتقال بين التطبيقات لإتمام المهام، جاءت جوجل لتخلّص المُستخدم من هذه العادة وتُوفر تكامل بين الأدوات والتطبيقات داخل النظام.
وبعد إطلاق تطبيق Gboard لنظام آي أو إس، صرّح أحد مُهندسي جوجل أن هذه اللوحة قادمة أيضًا إلى نظام أندرويد، أي أن المُستخدم سوف يكون بإمكانه مُستقبلًا البحث باستخدام جوجل واستخدام خدماتها مثل الخرائط، الفيديو، الصور، أو حتى الاستفادة من بعض الأدوات الذكية التي قامت بتطويرها مثل تحويل الرسومات إلى حروف.
خطوة جوجل مُماثلة لخطوة فيسبوك في تطبيق مسنجر المُتمثّلة في تقديم بعض الخدمات مثل حجز سيارات الأجرة أو شراء الهدايا وإرسالها لمُستخدم آخر من داخل التطبيق دون الحاجة إلى مُغادرته. أي باختصار، تسعى الشركات الآن إلى دفع المُستخدم على البقاء لأطول فترة مُمكنة داخل التطبيق دون الحاجة إلى مُغادرته، وهو مكسب للشركة أولًا والمُستخدم ثانيًا.
أن توفر جوجل واجهة برمجية API تسمح للمُطورين بتقديم بعض خدماتهم داخل أرجاء النظام بالكامل خطوة كبيرة جدًا، وحتى لو توفرت هذه الواجهة لخدمات جوجل فقط فهي ربح بكل تأكيد للمُستخدم لأننا نعتمد على جوجل في الكثير من الأعمال اليومية.
هذه الواجهة خطوة كبيرة لأنها تفتح المجال أمام الكثير من التكهنات على سبيل الحماية والخصوصية، لكن أن تتوفر لك مثلًا لوحة مفاتيح تسمح لك بالإطلاع على أحدث التغريدات في تويتر، أو آخر مُشاركات الأصدقاء في انستغرام هو شيء من الرفاهية المُميّزة التي ستُثري بكل تأكيد حياتنا كمُستخدمين للأجهزة الذكية.
نظام أندرويد وبفضل هيكليته المرنة هو الأقرب لتبني هذا الفكر، ومن الممكن أن يُقدم أندرويد ٧ أو حتى ٨ هذا الخيار ويفتح المُستقبل أمام المُطورين على عكس نظام آي أو إس، الذي استخدمه منذ عام ٢٠٠٧، والذي أطلق إمكانية استخدام لوحات مفاتيح إضافية قبل عامين أو ثلاثة فقط، ونفس الأمر في ويندوز موبايل الذي يسعى لوضع قدمًا له في سوق أنظمة تشغيل الهواتف الذكية أولًا قبل الالتفات إلى الرفاهيات التي يُمكن أن يُثري بها حياة مُستخدميه.
في النهاية، ما ورد أعلاه يُعبّر عن وجهة نظر شخصية فقط وتبقى جميع الاحتمالات واردة، ولا يوجد شيء مؤكد سوى خاصية الترجمة المدمجة داخل نظام أندرويد، وإمكانية استخدام لوحة مفاتيح Gboard الثورية داخل نظام أندرويد قريبًا. لكن إذا فتحت جوجل واجهة بهذه الخصائص، فإنها صفعة قوية لجميع المُنافسين الذين سيلهثون بكل تأكيد لتوفير هذا الخيار داخل أنظمتهم.